” الساخر كوم ”
إسرائيل أصبحت منذ معاهدة كامب ديفيد واقع مؤثر في المنطقة ولا يمكن لمنطقة الشرق الأوسط تجاهل حقيقة أن هذه الدولة إن لم تكن هي الحدث فكل الأحداث الأخرى تأتي على ضوء وجودها ، حتى حروب العرب فيما بينهم ؛ كانت إسرائيل عنوانا لأي أزمة عربية تتعلق بالعلاقات السياسية والاقتصادية مع دول العالم الأول . لحقت الأردن وقطر وموريتانيا بمصر و أسست وكشفت علاقات واضحة وعلى مستوى كبير من الشفافية مع هذه الدولة، حتى أن قضية فلسطين منذ اتفاقية أوسلو أصبحت مرتبطة ببنود صريحة حول الاعتراف بإسرائيل كدولة والجلوس معها على طاولة المفاوضات.
الجامعة 22 دولة عربية ، تجتمع في دورات مختلفة وقمم طارئة ، يكون محاورها في المعظم هي قضية إسرائيل وفلسطين ، ونرى أن الدول العربية تجلس على طاولات الحوار في غياب عنصر القضايا وسبب المشاكل ، فتكون الخطابات والقرارات صادرة من جانب أحادي مبنية على تصرفات فردية لدول أعضاء قامت بدور المندوب والسفير بجامعة الدول العربية .
الولايات المتحدة الأمريكية، الحليف الأكبر لأغلب الدول العربية والإسلامية، تتدخل دائما بصيغة المتحدث الرسمي والراعي الأول لمصالح دولة إسرائيل. وبذلك فأن التحالف العربي مع الولايات المتحدة الأمريكية يجبر الجامعة العربية على أن يكون لها مسودة أعمال وأجندة تتوافق مع الخيارات المطروحة من قبل الحليف المشترك بين الدول العربية وإسرائيل. ويلحق برأي الولايات المتحدة الرأي الدولي الفعال والمؤثر لحلف الناتو والاتحاد الأوربي ومجموعة الدول الصناعية ، وتكون التفاوت في مستوى التوافق بين أراء تلك التحالفات مع الولايات المتحدة الأمريكية ، بحسب مستوى المصالح المشتركة لتلك الدول في منطقة الشرق الأوسط .
دعونا نحاول التفكير بمنطق ماذا لو.
وأردنا تكوين صورة مختلفة عن الواقع الراهن ، بإلغاء العناصر الأقوى المحركة لكل أحداث المنطقة . وقلنا ماذا لو لم تكن هناك إسرائيل. ؟
هل كان من الممكن أن يكون هناك جامعة دول عربية.
نترك هذا السؤال وننطلق إلى محور آخر مهم ؛ إيران كان محركا أيضا لسياسات منطقة الشرق الأوسط ، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية تتفاعل معه بفعالية كبيرة ، وتضع له الكثير من الحسبان في خططها ومشاريعها الخاصة بالمنطقة ، وبالطبع فإن الشريك الاستراتيجي في هذه الخطط على مستوى منطقة الشرق الأوسط هو إسرائيل . لذا كانت إيران عاملا خفيا في نزاعات الشرق الأوسط ، يخرج متى وجد له الفرصة المناسبة ، ويحاول إيجاد طرقة تجعله شريكا في القرارات الخاصة بالمنطقة .
ومن جانب آخر نجد إيران ظلت بعيدة عن شؤون المنطقة ، ويتم التعامل معها كشريك خارجي من قبل جامعة الدول العربية ، وتكون المفاوضات معها بصيغة العلاقة المشوبة بنوع من الحذر ، ونلاحظ من ذلك أن إيران أيضا غائبة عن طاولة المفاوضات والنقاشات التي تقوم بها جامعة الدول العربية ، ومع ذلك تظل مؤثرة من الخارج وتمد يديها نحو كل الأحداث عن طريق مصالحها المبنية على الأساس العقدي ، والذي يشكل مفارقة واضحة وجلية في كون إيران مرجعية للأقليات الشيعية في بعض الدول العربية . ومن ذلك ما يحدث في لبنان والعراق، فهي ذات يد عليا في إثارة وتوجيه كل الأحداث هناك.
إذن إيران وإسرائيل عنصران حقيقيان وواقعيان، ولهما عمق تاريخي في نزاعات المنطقة يشكل محاور أساسية في معظم الأحداث، وعليه تبنى الكثير من المواقف. وإيران غذ تدخل المساحة الدولية وتربك المجتمع الدولي بقضية المفاعل النووي ، فهي فقط تضع نفسها في مستوى الطرح الإسرائيلي القوي والمؤثر ، وتطالب بحصتها المنطقية من المشاركة في القرارات المتعلقة بالشرق الأوسط .
ومع ذلك نرى أن إيران وإسرائيل، بعيدتان كل البعد عن الواقع السياسي العربي، ويتم اعتبارهما دخيلان يجب المقاربة منهما عن طريق علاقات استثنائية ومشوبة بالحذر والحرص.
لا جديد في كل ما قلته ، والولايات المتحدة الأمريكية ، عندما تشير وتلوح بسياسة شرق أوسط جديد ، هي فقط تريد إشراك إسرائيل وإيران بشكل مباشر في شؤون المنطقة ، وعدم اعتبارهما دخيلان وأطرافا في مواجهة واضحة كجبهات نزاع لها الحق في الدخول من الباب لا من النوافذ .
فهل يمكن لنا القول أن الولايات المتحدة الأمريكية ، بدأت ترسم ملامح جامعة شرق أوسطية ، تضم إسرائيل وإيران فيهما بجانب الدول العربية . وإذا كانت الدول العربية تتجاور في عضويتها مع هذه الدول في الأمم المتحدة، لماذا ترفض أن تتجاور معها بطريقة مباشرة عن طريق اتحاد إقليمي يختصر الطريق على القضايا في وصولها ناضجة إلى مجلس الأمن.
لم يعد السؤال هنا مطروحا عن حقيقة هذا التوجه الأمريكي، ولكن السؤال المطروح هو: ما هو موقف الدول العربية من هكذا جامعة.؟
تحياتي
Archived By: Crazy SEO .
0 التعليقات
إرسال تعليق